قصة امرأة حولت التاريخ إلى شمع
صفحة 1 من اصل 1
قصة امرأة حولت التاريخ إلى شمع
هذه الببليوغرافيا الاستعراضية والمثيرة تتعلق برائدة كبيرة لصناعة الاشكال والتماثيل الشمعية التي شملتها هي ايضا في آخر المطاف، رغم ان الوقائع التي اوردتها عن حياتها المبكرة في مذكراتها اتسمت بكثير من الشك والريبة.
اسمها آنّا ماري كروشولتس، ولدت في مدينة بيرن السويسرية عام 1760، وتدعي ـ في مذكراتها هذه ـ بأنها من عائلة سويسرية مرموقة وانها ابنة رجل عسكري معروف، لكن يبدو ان والدها ينتمي الى عائلة متخصصة بتنفيذ احكام الاعدام في المانيا، وأمها كانت تعمل كخادمة. ما حدث لأمها غير معروف تماما، لكن أمها كانت تأخذها معها كلما ذهبت لتقوم بأعمال الخدمة لطبيب شاب سويسري يدعى دكتور كيرتس، كان مشهورا بصناعة موديلات الشمع لهياكل الجسم البشري العظمية، ويدير في نفس الوقت حانوتا مربحا للصور الفاضحة كعمل اضافي. واثناء لقائه مع الطفلة ماري تعرف سريعا على موهبتها الفنية، فبدأ بتعليمها اسرار المهنة. عام 1766 وحينما كانت في السادسة من عمرها، انتقل الثلاثي (ماري وأمها والطبيب) الى باريس، حيث شرع كيرتس بالعمل كعارض لأعمال الشمع.
ووفقا لمذكرات ماري، فإن شخصيات مشهورة مثل فولتير وروسو كانوا يترددون عليهم للزيارة، كذلك الامبراطور الروماني جوزيف الثاني وعدد من اعضاء العائلة الملكية الفرنسية، وانها قد عينت كمدرسة في التصاميم الشمعية لمدام اليزابيث بنت الستة عشر عاما وشقيقة لويس السادس عشر، كما واصبحت عضوا محترما في اسرة قصر فرساي وعلى صلة مع كل شخص ابتداء من الملك. وحينما اندلعت الثورة الفرنسية كما تروي ـ آنّا ماري ـ فإنها روعت بمشاهدة اصدقائها يساقون واحدا تلو الآخر الى المقصلة. وبسبب علاقتها مع العائلة الملكية أُجبرت من قبل الجمعية الوطنية لعمل موديلات شمعية للرؤوس المتساقطة ووجوهها الصارمة، وذلك تحت تهديد فقدان رأسها ان رفضت فعل ذلك. هذه الموديلات او النسخ الشمعية المرعبة سرعان ما جذبت جمهورا لاعمال كيرتس الشمعية. وكان كيرتس وماري يحصلان على الأصل ـ اي على الرؤوس المقطوعة ـ وذلك باستئجارها من الجلادين.
كان كيرتس يمتلك حاسة نافذة لذوق الجمهور ورثتها عنه ماري. فتحت ظل الحكم الملكي المطلق كانت الفضيحة الملكية تشكل نقطة جذب كبيرة مثل عرض تمثال عشيقة لويس الخامس عشر مدام دو فاري وهي مستلقية على أريكة، وكذلك تمثال ماري انطوانيت الشمعي وهي عارية في غرفة ملابسها. وللحصول على تصاميم شمعية ملكية رسمية اكثر، ابتاع كيرتس ملابس الملكة مباشرة من المؤسسة التي كانت تصمم لها ملابسها الخاصة. وهكذا اصبح تمثال الملكة تقليعة للملابس الشمعية، وكذلك للملابس الاعتيادية.
تقول المؤلفة كيت بيريج بأن الاعمال الشمعية «كانت الرائد الاول في انتقال الاخبار الشعبية ورواجها، ولعبت دورا رئيسيا في الكشف عن احوال العائلة الملكية منذ ان اصبح الجمهور قادراً على المشاركة والتحدي بدلا من بقائه بعيدا عن الاحداث، واستمر هذا التقليد حتى اليوم. اما اخر اعمال متحف تيسو فكان للامير وليم ابن الاميرة الراحلة ديانا وملك انجلترا القادم».
من حين لاخر، كانت العلاقة الملكية السابقة تساهم في تعميق مركز كلري كيرتس وتمثال ماري انطوانيت وهي تستعد للذهاب الى سرير النوم كان تجاوزا لكل ما قبله من تماثيل، لكن مع الثورة فان تذكر النظام القديم اصبح مسألة ينبغي تحمل مسؤوليتها.
وعلى هذا تخلى كيرتس عن امتيازاته الملكية وابدلها برؤوس ارستقراطية متجهمة وذلك بعمل فريد من صنع ماري وهو موديل شمعي للبطل الجمهوري جون بول مارا الذي يظهر فيه بعد طعنه بسكين ومقتله بوقت قصير مضرجا بدمائه في حوض استحمام من قبل شارلوت كورداي.
مات كيرتس عام 1794 مورثا ماري كل مجموعاته. في تلك الفترة حل الاضطراب وارسل روبسبير الى المقصلة.. فتبع ذلك موجة عنيفة من الارهاب استدعت تداعي بعض الرؤوس. تزوجت ماري من المهندس فرانسيس توسو فأرسلته الى انجلترا مع بعض اعمال الشمع لاختبار ذوق الجمهور، لكنها تركته عام 1806، ولمدة سبعة وعشرين عاما ساحت ماري توسو واعمالها الشمعية المقاطعات الانجليزية، طامحة تمييز نفسها عن اولئك المهرجين في السيرك.
كان انتقالها الى لندن بشكل دائم عام 1833 يعتبر تحديا كبيرا، كانت هناك انواع مختلفة من التسلية مثل صندوق الدنيا وغيره. فكيف اذن، كان يمكن لاعمال الشمع ان تنافس كل ذلك؟ كان رد ماري هو باعادة تأهيل وتسويق نفسها كمركز ثقافي مرموق. الجيورجيون والفكتوريون الاوائل من البريطانيين وجدوا في اعمالها الشمعية انعطافا نحو «اعادة الخلق العقلاني» وموضوعا بعيدا عن المتعة الزائدة.
كانت مذكرات ماري توسو قد نشرت عام 1838 وهي تتحدث عن علاقاتها الملكية وذلك لاعلاء شأنها، وكانت الاعمال الشمعية الخاصة باعدام المجرمين العاديين تجذب باستمرار المشاهدين وتفسر بان اهدافها ترمي الى منع الشباب من ارتكاب الاعمال الخاطئة والاجرامية. وصفت جريدة التايمز الانجليزية، آنذاك عروض ماري بأنها تتعامل على مستوى عال من الثقافة. اما الكاتب جايس ديكنز فقد أكد على طموحها الثقافي ومرونتها للاقتراب من الحقيقة.
تطري الكاتبة بيريج عروض ماري باعتبارها «مؤسسة ديمقراطية ثقافية» وحتى اواخر حياتها كانت ماري تجلس عند باب معرضها وتجمع رسم الدخول وتؤكد على اولادها بتوفير الراحة لزبائنها واحترام اذواقهم.
والآن تمتلك «امبراطورية» توسو، عدا متحفها الشمعي في بيكر ستريت بلندن قاعات للعرض في نيويورك، لاس فيجاس وامستردام وهونغ كونغ وشنغهاي.
المصدر : الشرق الاوسط
اسمها آنّا ماري كروشولتس، ولدت في مدينة بيرن السويسرية عام 1760، وتدعي ـ في مذكراتها هذه ـ بأنها من عائلة سويسرية مرموقة وانها ابنة رجل عسكري معروف، لكن يبدو ان والدها ينتمي الى عائلة متخصصة بتنفيذ احكام الاعدام في المانيا، وأمها كانت تعمل كخادمة. ما حدث لأمها غير معروف تماما، لكن أمها كانت تأخذها معها كلما ذهبت لتقوم بأعمال الخدمة لطبيب شاب سويسري يدعى دكتور كيرتس، كان مشهورا بصناعة موديلات الشمع لهياكل الجسم البشري العظمية، ويدير في نفس الوقت حانوتا مربحا للصور الفاضحة كعمل اضافي. واثناء لقائه مع الطفلة ماري تعرف سريعا على موهبتها الفنية، فبدأ بتعليمها اسرار المهنة. عام 1766 وحينما كانت في السادسة من عمرها، انتقل الثلاثي (ماري وأمها والطبيب) الى باريس، حيث شرع كيرتس بالعمل كعارض لأعمال الشمع.
ووفقا لمذكرات ماري، فإن شخصيات مشهورة مثل فولتير وروسو كانوا يترددون عليهم للزيارة، كذلك الامبراطور الروماني جوزيف الثاني وعدد من اعضاء العائلة الملكية الفرنسية، وانها قد عينت كمدرسة في التصاميم الشمعية لمدام اليزابيث بنت الستة عشر عاما وشقيقة لويس السادس عشر، كما واصبحت عضوا محترما في اسرة قصر فرساي وعلى صلة مع كل شخص ابتداء من الملك. وحينما اندلعت الثورة الفرنسية كما تروي ـ آنّا ماري ـ فإنها روعت بمشاهدة اصدقائها يساقون واحدا تلو الآخر الى المقصلة. وبسبب علاقتها مع العائلة الملكية أُجبرت من قبل الجمعية الوطنية لعمل موديلات شمعية للرؤوس المتساقطة ووجوهها الصارمة، وذلك تحت تهديد فقدان رأسها ان رفضت فعل ذلك. هذه الموديلات او النسخ الشمعية المرعبة سرعان ما جذبت جمهورا لاعمال كيرتس الشمعية. وكان كيرتس وماري يحصلان على الأصل ـ اي على الرؤوس المقطوعة ـ وذلك باستئجارها من الجلادين.
كان كيرتس يمتلك حاسة نافذة لذوق الجمهور ورثتها عنه ماري. فتحت ظل الحكم الملكي المطلق كانت الفضيحة الملكية تشكل نقطة جذب كبيرة مثل عرض تمثال عشيقة لويس الخامس عشر مدام دو فاري وهي مستلقية على أريكة، وكذلك تمثال ماري انطوانيت الشمعي وهي عارية في غرفة ملابسها. وللحصول على تصاميم شمعية ملكية رسمية اكثر، ابتاع كيرتس ملابس الملكة مباشرة من المؤسسة التي كانت تصمم لها ملابسها الخاصة. وهكذا اصبح تمثال الملكة تقليعة للملابس الشمعية، وكذلك للملابس الاعتيادية.
تقول المؤلفة كيت بيريج بأن الاعمال الشمعية «كانت الرائد الاول في انتقال الاخبار الشعبية ورواجها، ولعبت دورا رئيسيا في الكشف عن احوال العائلة الملكية منذ ان اصبح الجمهور قادراً على المشاركة والتحدي بدلا من بقائه بعيدا عن الاحداث، واستمر هذا التقليد حتى اليوم. اما اخر اعمال متحف تيسو فكان للامير وليم ابن الاميرة الراحلة ديانا وملك انجلترا القادم».
من حين لاخر، كانت العلاقة الملكية السابقة تساهم في تعميق مركز كلري كيرتس وتمثال ماري انطوانيت وهي تستعد للذهاب الى سرير النوم كان تجاوزا لكل ما قبله من تماثيل، لكن مع الثورة فان تذكر النظام القديم اصبح مسألة ينبغي تحمل مسؤوليتها.
وعلى هذا تخلى كيرتس عن امتيازاته الملكية وابدلها برؤوس ارستقراطية متجهمة وذلك بعمل فريد من صنع ماري وهو موديل شمعي للبطل الجمهوري جون بول مارا الذي يظهر فيه بعد طعنه بسكين ومقتله بوقت قصير مضرجا بدمائه في حوض استحمام من قبل شارلوت كورداي.
مات كيرتس عام 1794 مورثا ماري كل مجموعاته. في تلك الفترة حل الاضطراب وارسل روبسبير الى المقصلة.. فتبع ذلك موجة عنيفة من الارهاب استدعت تداعي بعض الرؤوس. تزوجت ماري من المهندس فرانسيس توسو فأرسلته الى انجلترا مع بعض اعمال الشمع لاختبار ذوق الجمهور، لكنها تركته عام 1806، ولمدة سبعة وعشرين عاما ساحت ماري توسو واعمالها الشمعية المقاطعات الانجليزية، طامحة تمييز نفسها عن اولئك المهرجين في السيرك.
كان انتقالها الى لندن بشكل دائم عام 1833 يعتبر تحديا كبيرا، كانت هناك انواع مختلفة من التسلية مثل صندوق الدنيا وغيره. فكيف اذن، كان يمكن لاعمال الشمع ان تنافس كل ذلك؟ كان رد ماري هو باعادة تأهيل وتسويق نفسها كمركز ثقافي مرموق. الجيورجيون والفكتوريون الاوائل من البريطانيين وجدوا في اعمالها الشمعية انعطافا نحو «اعادة الخلق العقلاني» وموضوعا بعيدا عن المتعة الزائدة.
كانت مذكرات ماري توسو قد نشرت عام 1838 وهي تتحدث عن علاقاتها الملكية وذلك لاعلاء شأنها، وكانت الاعمال الشمعية الخاصة باعدام المجرمين العاديين تجذب باستمرار المشاهدين وتفسر بان اهدافها ترمي الى منع الشباب من ارتكاب الاعمال الخاطئة والاجرامية. وصفت جريدة التايمز الانجليزية، آنذاك عروض ماري بأنها تتعامل على مستوى عال من الثقافة. اما الكاتب جايس ديكنز فقد أكد على طموحها الثقافي ومرونتها للاقتراب من الحقيقة.
تطري الكاتبة بيريج عروض ماري باعتبارها «مؤسسة ديمقراطية ثقافية» وحتى اواخر حياتها كانت ماري تجلس عند باب معرضها وتجمع رسم الدخول وتؤكد على اولادها بتوفير الراحة لزبائنها واحترام اذواقهم.
والآن تمتلك «امبراطورية» توسو، عدا متحفها الشمعي في بيكر ستريت بلندن قاعات للعرض في نيويورك، لاس فيجاس وامستردام وهونغ كونغ وشنغهاي.
المصدر : الشرق الاوسط
- نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 31/12/1969
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى